X إغلاق
X إغلاق

"وبقيتُ مثلَ السّيفِ فرْدا" إلى روح الرّفيق أمين أكرم عبد الغني بقلم علي قادري-نحف

11-04-2020 - 16:23 / حصاد نت

"وبقيتُ مثلَ السّيفِ فرْدا"

إلى روح الرّفيق والصّديق
أمين أكرم عبد الغني (1987-2020)

بجناحِ الغاياتِ الوحيدْ ..
ليسَ كالسّيفِ تمامًا،

بجثّةِ ذبابةٍ مقطوعةِ الرّأس،
كحبرِ أفعى مرتجفة
بقيتُ.
والبقاءُ فضّةٌ تسيلُ على خرابِ جسدِ اللّيلْ ..
جذورًا ونخيلاً عاليًا
والعلوّ لعنةُ الوحيدينَ
في أصفادهم الخائفة..

**
أخافُ أنْ أبقى مثل السّيفِ فردا ..
كلّما أنا وحدي على فرشةِ الأرض يرتبكُ الزّمنُ في جُمجمتي،
والزّمنُ كافرٌ مثلي.
كيفَ يفرُّ الغريقُ مِنْ فراشةِ الحتفِ
وحتميّة الزّوال؟

وحيدًا أحصي رملَ الوقتِ الذي تعفّنَ
وأنفخُ في النّاي الحزينِ
جزافًا ..
**
كنتَ وحدَكْ
تُطبقُ عرشَ الطُّرقاتِ
وتثأرُ مِنَ اللّعناتِ
بقلبٍ رقيقٍ
مُكابِدْ.
تتكوّرُ ملتاعًا
بدموعٍ سوداءَ لا تشبهُ أثرَ الملحْ ..
وتطوي
دفاترَ الطّفولةِ مرّتيْن
ومناديلَ الرّحيلِ مرّة واحدة
في حجرةِ الأحلامِ السّريّة.
**
كنتُ وحدي
أملأُ دِلائي بالقرابينِ العمياءْ
وخيامَنا وأعشاشَنا الفاتنة بنفثةِ السيجارة الحامية
وأنهشُ مِنْ صمتي
صورَنا التي لا تحتملُ مجازَ المجازر
وتفرُّ مِنْ عيوننا الدّموعُ والسّنابلْ ..

**
كُنتَ تحملُ أسمالَ
الشّمسِ وكهولةَ الجُرحِ العميق
في صدرِ مدينتِكَ
وتُلفي عتباتِ الألمِ
بعيني قريتِكَ الرّبيعيّتيْن ..
كيفَ كيفْ؟
شمسٌ وكهولةٌ
ورملٌ وصيفْ ..
تُحصي اللّعنات
وتُلقي ألمَ الأجيالِ
على دابّةِ الحضارة ..
لمْ تعلّمْنا كيفَ يسيرُ الفارسُ
ويدرُجُ قلاعَهُ تحتَ إبطه ..
ولا يتلفّتُ إلى حشودٍ نائمة..
كلُّ محاولةٍ ضربٌ في المعدنِ الصّقيل
كلُّ التفاتةٍ هشيمٌ في البوحِ
واستكانةُ القُبّرةْ.

**
كنتُ أرِثُ أحقادي
وأنتظرُ السّقوط ..
واللّهفةُ الحائرةُ
على سريرِ جدّي القديم
تكسرُ جموحَ الخيالِ والبرقْ ..
ولكنّي آثرْتُ حجارة الذّئبِ على زجاج القبّرة...
وسقطتُ في ثوبي الذي سقطَ منّي
وما حملتُهُ ولا حمَلَني.

**
كنتَ واثقًا كالبركانِ في يقينِه
حالمًا كسقراط
في لحظةِ الضّعفِ التي ما كسرَتْهُ
وكنتَ ...
ثائرًا كعنترة
نديًّا كغيمة
تعشقُ مفاتيحَ الغاباتِ العذراء ..
تجرُّنا مِنْ أصابعِنا الهشّة
إلى أقاصي الرّغبة
ونركبُ ريحَ الجنونِ قلقينَ
في الجبلِ عينِه ..
الجبل الذي وقفْنا أعلى قمّته
وخطبتَ بالنّيامْ ..
ولا زال البحرُ غربًا مكانَهُ يابسًا
مِنْ خرمشةِ الأحلامِ وشقوقِ الصّنوبر
ولا زالتْ حبيبتُكَ عاقرًا
يا صديقي ..

**
كنتُ ألملِمُ سمومَ خوفي
ولا زلْتُ كما تعهدُني ..
هشًّا ..
تكسرُني سنبلة ..
وتنامُ على كفّي فراشة
وتخطفُني شجرةٌ وحيدةٌ إليْها
وسطَ المذبحةْ ..
ولا أزالُ
أخافُ جموحَ الفارسِ الذي كان ظلّكَ
وأكرهُ الرّحيل ..
وأحبّ جغرافيا المجازِ
وحروب الاستعارات
وميزان اللّغة التي عشقتَها ..
وأهربُ مِن ضفيرةٍ تستعصي على أصابعي
ومِنْ مسألةٍ تعاندُ الحلَّ ..
كنتُ أحبُّ الالتفاتَ إلى بيّاراتِ الماضي البعيدِ
كثيرًا
أقفُ على الضّدّ منكَ
وتفصلُ الحروفُ والأسبابُ والأوتادُ وقلاعُ الشّكّ
بينَنا.

**
كنتَ الصّمتَ والجَلَبة
كنتَ العصفورَ والنّسرَ
كنتَ ما كنتَ .
أرقَّ مِنْ حجرٍ
وأصلبَ مِنْ ماءْ ..
وكانَ الزّمنُ يضحكُ لغمّازتيْ غزالٍ
على براءةِ النّدى ..
حملتَ الشّمسَ وكهولةَ الجُرحِ
وآلامَ الجدّ
وطزاجةَ الفكرِ
وعنفوانَ الثوّرة مِنْ وجهِ أبيكَ
وكنتَ الوعدَ ..
كنتَ الوعدَ المبتغى ..
وكنتَ الوجدَ
كنتَ الوجدَ المشتهى..
كنتَ الجرحَ الذي عانقَ الجرحَ
ولمْ يلتفتْ خلفَهْ.

أضف تعليق

التعليقات