عكا...والهوا بحري

عكا - من أقدم وأهم مدن فلسطين التاريخية، تقع اليوم في لواء الشمال الإسرائيلي - حسب التقسيم الإداري بعد حرب 1948، على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. تبعد عن القدس حوالي 181 كم إلى الشمال الغربي. وتبلغ مساحتها 13.5 كم2، كما بلغ عدد سكانها حوالي 46 ألف نسمة في عام 2008.
تأسست المدينة في الألف الثالثة ق.م على يد الكنعانيين (الجرشانين)، الذين جعلوا منها مركزاً تجارياً ودعوها باسم (عكو) أي الرمل الحار. أصبحت بعد ذلك جزءا من دولة الفينيقيين، ثم احتلها العديد من الغزاة كالإغريق والرومان والفرس والفرنجة الصليبيون. دخل العرب المسلمون عكا سنة 636 م / 16 هـ بقيادة شرحبيل بن حسنة. وفي سنة 20 هـ أنشأ فيها معاوية بن أبي سفيان داراً لصناعة السفن، ومنها انطلقت أول غزوة لجزيرة قبرص عام 28 هـ. وتوالت عليها الأحداث على مر التاريخ، ومن أشهر حكامها أحمد باشا الجزار. بلغت أوج مجدها عام 1799 م عندما أوقفت زحف نابليون الذي وصل إليها بعد أن احتل مصر، وساحل فلسطين، وحاصرها مدة طويلة ولكنه فشل في احتلالها بفضل صمود أحمد باشا الجزار، فتلاشت أحلام نابليون بالاستيلاء على الشرق، وسحب جيوشه.
وتُعتبر عكّا ذات موقع اقتصادي وتجاري بفضل مينائها الذي يُعَدّ من أهم وأقدم موانئ فلسطين التاريخية لصيد الأسماك، كما تُعتبر ذات موقع أثريّ مهم. فهي تحتوي على العديد من الآثار والمعالم والأماكن الأثرية القديمة من غالبية العصور التّاريخية. فهناك السّوق الأبيض وحمّام الباشا وخان العمدان والقلعة وأسوارها الحصينة والممرّ الألماني وجامع الجزّار وغيرها.
تنقسم عكا في الزمن الحاضر إلى البلدة القديمة المسوّرة بالإضافة إلى الضاحية الجديدة - التي تمتد إلى الشمال والشمال الشرقي للأسوار، وتحتل موقع الضاحية الشمالية لعكا الصليبية، على وجه التقريب. وتتميز المدينة باختلاط سكانها اليهود والعرب.
يوجد في عكا مركز ومعبد لأبناء الديانة البهائية يعتبر من أهم المعابد البهائية إلى جانب المعبد الموجود في مدينة حيفا. يظهر في أبنية عكا فن العمارة الفاطمي والصليبي والعثماني، كما تتميز بعمارة جامع الجزار الذي شيد من أعمدة رخامية قديمة، أما المدينة القديمة فقد بناها الصليبيون.
في حرب 1948، احتلتها المنظمات اليهودية بعد عملية "بن عمي"، بعد عدة مجازر قامت بها في المدينة وقراها لترويع السكان العرب وطرد معظمهم. وبعد النكبة، قامت البلدية بعدة ممارسات كرّست العنصرية في المدينة، كمنع عمليات ترميم المنازل العربية، واستهداف لدور العبادة، بالإضافة لتغيير الأسماء العربية للشوارع والأحياء بأخرى عبرية.
يُشار بالذكر إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونيسكو)، قد أدرجت في عام 2001 البلدة القديمة في عكا، التي تحوي آثارا عثمانية وصليبية، ضمن قائمة التراث العالمي.
* التسمية : تُعد عكا مدينة كنعانية ثم فينيقية، ومعنى الاسم (الرمل الحارّ)، وجاء في معجم البلدان (4/144) من القبائل الكنعانية التي نزلت بلاد الشام-الجرجاشيون، وكانت منازلهم شرقي بحيرة طبريا - وقد ذكر بعضهم انهم هم الذين أسسوا عكا.
اُطلق عليها زمن الإغريق وفي فترة حكم تلمي الثاني (Ptolemais) نسبة إلى بطليموس. أما في العهد البيزنطي فقد أطلق عليها اسم سامريتيكا) نسبة إلى السامرة. وزمن الحكم الصليبي سميت سانت جون داكر وبقيت كذلك حتى استرجعها المماليك بقيادة الأشرف خليل بن قلاوون سنة 1291م، وعاد إليها اسمها الأصيل عكا.
يعود أصل المدينة إلى موقع تل الفخار الذي يبعد نحو 2 كلم إلى الشرق من المدينة القديمة الحالية. كان ازدهار عكا مرتبطًا دوما بموقعها الجغرافي، فهي مرفأ طبيعي معد بصورة جيدة، وهي أيضا محطة لجميع القوافل الكبيرة الآتية من الشمال ومن الشرق ومن مصر. هذا الأمر الذي كان سبب ازدهار المدينة كان أيضا السبب الذي جعل المدينة محط أنظار الغزاة .
*العهود القديمة
كانت عكا جزء من دولة الفينيقيين، الممتدة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
عام 2000 ق.م. تقريبا ذكرت المدينة لأول مرة في نصوص مصرية عدائية (السلالة الحادية عشرة أو الثانية عشرة) ثم ظهرت في كتابات توتوميس الثالث وسيتي الأول ورمسيس الثاني وفي رسائل تل العمارنة. في القرن الخامس عشر ق.م. نعلم من النصوص السابقة الذكر أن المدينة كانت في ذلك الحين مركزا كنعانيا مزدهرا. في القرن الثالث عشر ق.م. وقعت المدينة في أيدي الفينيقيين.
ذكرت عكا في التوراة (سفر القضاة 31،1) وفي أعمال الرسل 27،7: ذهب بولس مع رجاله من صور إلي عكا. خلال القرن الرابع للميلاد غزا الإسكندر المقدوني هذه المدينة. شيد بطالمة مصر مدينة عكا باسم بطولومايس في عهد بطليموس الثاني فيلادلفيوس (308 - 246 ق.م).
كما ذُكرت بين المدن التي استولى عليها تحتمس الثالث. كما جاء في بعض المخطوطات الموجهة من ملك صوراتا (صور) وابنه (زوت – حنه) إلى ملوك مصر أنهما كانا حليفين لملك أورشليم ضد ملك مجدو. كما ذكرت في سجلات سيتي الأول ورعمسيس الثاني.
وفي سنة 701 ق.م. خضعت لسنحاريب، لكنها ثارت ضد آشور بانيبال سنة 650 ق.م. وفي سنة 350 ق.م سُكّت النقود باسمها، وبعد استيلاء الإسكندر المقدوني عليها سنة 332 ق.م تَقوّى مركزها، وصكت النقود الذهبية باسمها. استولى عليها انطيوخوس سنة 312 ق.م. وفي سنة 301 ق.م. استولى عليها تلمي الثاني، ورممها وأطلق عليها اسم (Ptalemais) نسبة إلى جده بطليموس.
*العهد الروماني والبيزنطي
في سنة 39 ق.م. احتلها هيرودوس وأقام فيها عدة أبنية ومركزًا رياضيًا في سنة 48 ق.م. زارها يوليوس قيصر، وفي سنة 606 م في أثناء الثورة ضد الرومان قتل فيها حوالي (2000) من اليهود، وطرد الباقي منها. حوّلها نيرون إلى مدينة مستقلة رومانية، وأقام فيها الحمّامات التي حملت اسم (افروديت).
ذكر يوسف فلافيوس أنه قد تم العثور بالقرب من عكا في رمال نهر النعمان على الرمل الزجاجي. أما الفينيقيون فقد تمكنوا من الحصول على الأصباغ الزرقاء والحمراء من أصداف البحر التي كانت تتواجد بالقرب من المدينة.
*الحكم العربي الإسلامي
احتلها الفرس سنة 614 م. ثم استردها منهم البيزنطيون، وانتقموا ممن ساعد الفرس في أثناء دخولهم لها. دخلها العرب سنة 636م بقيادة شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان، وأصبحت مركزًا لصناعة السفن الحربية. وذلك في صدر الدولة الأموية. ومن عكا ركب معاوية أساطيله لغزو قبرص. والمعروف ان هشام بن عبد الملك وسّعها وجدد بناءها، وأقام له قصرًا فخمًا فيها.
الحروب الصليبية
*حصار عكا عام 1291.
في عام 1104 غزا الفرنج عكا وكانت المدينة مرسى مهم في هذه المنطقة. وأصبحت الميناء الرئيسي والحصن المنيع لهم، وقسمت إلى أحياء، حيث تركزت كل جالية منهم بحيّ خاص بها، مثل بيزا وجنوة والبندقية وفرسان الهيكل والإسبتاليين، وضمت المدينة أيضاً على أحياء للمجتمعات المسيحية الشرقية والإسلامية المحليَّة. وواصلت عكا خلال الحقبة الصليبية ازدهارها كمركز تجاري رئيسي لشرق البحر الأبيض المتوسط، وكانت مدينة ثرية نسبياً نابضة بالحياة التجاريًّة. وقد انتهى عهدها الذهبي بسقوطها سنة 1291م، بيد المملوك الأشرف خليل بن قلاوون. وقد دمّر أسوارها وحصونها خوفًا من عودة الصليبيين إليها، وهكذا فقد سيطر عليها الخراب مدة 400 سنة تقريبًا. وقام سلطان مصر المملوكي الأشرف خليل بتحريرها من الصليبيين وطردهم منها سنة 1291 في ما عرف بـ "فتح عكا".
*قاعة الفرسان الصليبية
مع مطلع هذه الفترة التي انتهى فيها الحكم المملوكي وانضوت فلسطين وكل بلاد الشام في إطار الدولة العثمانية التي دام حكمها قرابة الأربعة قرون. امتد سلطان الدولة العثمانية المتمركزة في إسطنبول على البلقان والأناضول خلال قرنين من الحروب والتوسع.
وفي ظل هذه القوة المركزية والبارزة في المنطقة بدأ تزايد الصراع على النفوذ بين ثلاثة قوى هي الدولة العثمانية والدولة الصفوية الناشئة في تبريز، والمماليك من جهة ثالثة، ففي آب/ أغسطس (1514م) كانت الموقعة الأولى الفاصلة بين الدولة العثمانية بزعامة "سليم الأول" والدولة الصفوية بزعامة "الشاه إسماعيل" في (جالديران) قرب (تبريز) وانتصر فيها العثمانيون بفضل فعالية السلاح الناري الذي كانوا يتفوقون في استخدامه. وبعد عامين هزم العثمانيون المماليك في موقعة حاسمة في (مرج دابق) قرب حلب في (23 آب/أغسطس 1516م)، وكان ذلك نهاية السلطة المملوكية باحتلال العثمانيين لمصر.
وفي نفس العام دخل سليم الأول بلاد الشام دون أدنى مقاومة وذلك لكره الشاميين للمماليك في ذاك الوقت من جهة، وخوفهم من العثمانيين من جهة أخرى. وبعد موت "سليم" تولى السلطة ابنه "سليمان" (1520 -1566م) والذي لُقب بسليمان القانوني نظراً لكثرة القوانين التي أصدرها في شؤون تنظيم الدولة. وفي عهده بلغت الإمبراطورية العثمانية مبلغها في الاتساع والازدهار، وامتدت على ثلاث قارات، كما ورثت الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية وأصبحت إسطنبول مركزاً للعالم الإسلامي وانبعاث الحضارة الإسلامية من جديد. ولكن بعد اكتشاف أمريكا ورأس الرجاء الصالح وبداية النهضة الأوروبية بدأ مركز القوة يتحول إلى الغرب.
ولقد ترك العثمانيون أثرا كبيرا في ازدهار مدينة عكا، حيث ازدادت أهمية الميناء على أيامهم، وأنشأوا المدارس والمساجد والكنائس والحمامات والأسواق والسرايا وغيرها من الأبنية الحكومية والخاصة.
*إمارة ظاهر العمر
ظاهر العمر، حاكم عكا عام 1750
احتل ظاهر العمر المدينة عام 1744 م وفي عام 1750 م أصبح حاكم عكا مقابل مبلغ من المال يرسله ظاهر العمر لوالي صيدا. عندها انقلبت عكا من قرية منسية إلى مدينة مركزية ومهمة، خاصة بعد تحصينها عام 1750 - 1751 م بسور وأبراج. طول السور كان 500 م في الشمال و300 م في الشرق، وصل علوّه إلى ثمانية أمتار تقريباً، وسمكه كان حوالي متراً واحداً، ولم يكن هناك نفق أمامها أو قناة عميقة، ومثل هذا السور استطاع أن يصد هجمات البدو الذين لم يكن لديهم مدافع، وحسب معرفة الرحالة قولني الذي وصف السور فقال: "إنه يكفي لبعض المدافع تدميره.." وهناك من يقول إن نابليون استند على أقواله حينما قرر احتلال عكا عام 1799.
كان في سور ظاهر العمر بوابتان قويتان: بوابة السراي (تحمل اسم قصره المجاور) في شمال غرب السور وبوابة السباع (نسبة إلى صورة السباع المحفورة في حجر فوق هذه البوابة) في الجنوب الشرقي من سور المدينة.
في الزاوية الشمالية الغربية من المدينة، وفوق أنقاض القلعة الصليبية والتي حاول فخر الدين المعني الثاني ترميمها، بنى ظاهر العمر قصره المحصن ووضع فيه عدداً من المدافع القديمة، وحفر قناة صغيراً من حوله، وبنى مسجد الرمل في مركز المدينة، وأقام سوقاً كبيراً (السوق الأبيض) الذي رممه سليمان باشا فيما بعد.
*أحمد باشا الجزار
برز "الآغا أحمد" الملقب بالجزار على مسرح الأحداث في عكا وهو مملوكي بوسني الأصل. وتميز حكم الجزار الذي ولي على ولاية صيدا وعلى ولاية دمشق بشكل متقطع ما بين (1775م) وحتى وفاته في (1804م) بسيطرته على القوى المحلية في فلسطين وجبل لبنان وتحديه للعثمانيين وإدخال ولاية دمشق ضمن دائرة نفوذه.
*حملة نابليون بونابرت
مدافع منصوبة على سور عكا، حيث إندحرت عنده جيوش نابليون عام 1799.
تعد حملة نابليون على مصر وبلاد الشام بداية الصراع الاستعماري الأوروبي لاحتلال أقطار الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا. فقد توجه نابليون بونابرت بحملته إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في (21 تموز/ يوليو 1798).
اقتصرت حملة نابليون بونابرت على فلسطين، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقة الناصرة – طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني، وبدأت الحملة باحتلال منطقة قطبة على الحدود مع الشام في 1798م في سيناء ثم قلعة العريش، وبعد ثلاثة شهور أخذت الحملة بالتراجع إلى مصر بعد فشلها في احتلال عكا في 1799م.
وفي 28 شباط/ فبراير سار الجيش الفرنسي وفي طليعته "كليبر" باتجاه أسدود ثم إلى قرية يبنه والرملة ويافا، كما استولوا على حيفا بعد قتال شديد، ومن ثم توجه إلى عكا التي تتمتع بأسوار قوية وحصون متينة فلم يستطع أن يدخلها، ودارت معارك قوية، هاجم أهل عكا فيها الفرنسيون بمشاركة الإنجليز وبعض القوات العثمانية، وحاول نابليون اقتحام أسوار عكا سبع مرات باءت جميعها بالفشل، وسرعان ما دب الطاعون في الجيش الفرنسي بسبب كثرة القتلى من الطرفين.
وفي 10 أيار/ مايو كتب نابليون إلى حكومة الإدارة في باريس بأن احتلال عكا لا يستحق كل هذه الخسائر، فقرر الانسحاب إلى مصر ومواصلة الهجوم عليها، وفي أثناء ذلك وصلت مراسلة من باريس تطلب من نابليون وجوب العودة إلى فرنسا، وكان قد انسحب بعد حصار دام أربعة وستين يوماً في 20آيار/ مايو 1799م.
*الانتداب البريطاني
*عكا أواخر القرن التاسع عشر
في 4 فبراير 1918 احتلها البريطانيون. وكانت مدينة عكا مركز القضاء الذي يحمل اسمها والذي يقع إلى الشمال الغربي من فلسطين. يحدّه من الشمال الحدود اللبنانية، ومن الشرق قضاء صفد وطبريا، ومن الغرب البحر المتوسط، ومن الجنوب قضاء النّاصرة. ويضمّ القضاء، بالإضافة إلى مدينة عكّا التي تقع على الطّرف الشّمالي من خليج عكا، حوالى 52 قرية و8 عشائر بدوية.
كان لأهالي عكا دَورٌ في كلّ الانتفاضات والمُظاهرات والمؤتمرات والثورات الفلسطينية ضدّ الإنكليز واليهود. وبعد انسحاب القوات البريطانية واشتعال الحرب، دافع العكّاويون عن مدينتهم حتى امتدّ القتال من دارٍ إلى دارٍ ومن شارعٍ إلى شارعٍ، إلى أن سقطت بأيدي المُنظّمات الصّهيونية المُسلّحة وذلك بفضل ما تملكه من أحدث آلات الحرب من المُصفحات والمدافع والزوارق الحربية. وأدّى الاحتلال إلى تشريد بعض أهالي عكا.
*قرار التقسيم
خارطة تقسيم فلسطين عام 1947، تظهر عكا ضمن المنطقة المحددة للعرب، حيث لجأ إليها كثير من سكان المدن التي خضعت لليهود وفقا للتقسيم.
قامت هيئة الأمم المتحدة عام 1947 بمحاولة لإيجاد حل للنزاع العربي/اليهودي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع.
قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية. ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصدي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النّقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصري). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
ولقد وقعت عكا ضمن حدود الدولة العربية، فنزح إليها الآلاف من السكان العرب من المدن والقرى العربية التي خضعت للدولة العبرية وفقا لقرار التقسيم.
*النكبة
آثار النكبة في المدينة.
في شهر أيار 1948 سيطرت المنظمات اليهودية على مدينة عكا بعد عدة معارك ومجازر قامت بها في المدينة وقراها لترويع السكان العرب وإجبارهم على الرحيل. وبعد النكبة، سيطرت دائرة أراضي إسرائيل على 85% من منازلها (1125منزلا) وتديرها اليوم شركتان حكوميتان (شركة تطوير عكا وعميدار). يشار إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تتوقف عن تضييق الخناق على عكا العربية واضطرار سكانها إلى الرحيل من خلال إنذار السكان العرب ومنعهم من ترميم بيوتهم التي باتت معظمها تعاني من التصدعات، بل والإنهيار.
ولقد عملت السلطات الإسرائيليلة بعد النكبة، على تنفيذ مخططاتها، من خلال خطة أطلقت عليها تطوير عكا، ولكن هذه الخطة بالمفهوم الحقيقي هي تهجير للسكان الفلسطينيين، وتفريغ المدينة وتهويدها وطمس معالمها وتشويه تاريخها، حيث أحيطت المدينة القديمة، بالبنايات الكبيرة والعمارات الضخمة، بهدف التغطية على مدينة عكا الأصلية. كما أن مدينة عكا، ما زالت مستهدفة بالدرجة الأولى من خلال الهجمات العنصرية، لأنها مدينة حضارية وتاريخية، وتشهد على عروبة هذه البلاد، كما أن محاولات التهويد، لم تتوقف ولو لحظة، إلا أن صمود فلسطينيي عكا، وتمسكهم بمدينتهم، وبتاريخها، أفشلت وستفشل كل مخططات التهويد، وبقيت البلدة القديمة، وهي مدينة عكا الأصلية، عربية مائة بالمائة، بتاريخها ووجهها ومعالمها التاريخية. كما أن سكان عكا، داخل البلدة القديمة، حافظوا على مساجدهم وكنائسهم، كما أن هناك محاولات يهودية، للاستيلاء على مسجد المنشية الذي يقع في قرية المنشية المهجرة، ومسجد اللبابيدي في عكا الجديدة.
*الحدائق البهائية في عكا.
*أسوار عكا.
تقع عكا في الطرف الشمالي لخليج عكا والبحر المتوسط. أقيمت على شبه جزيرة تدخل في خليج عكا بالقرب من الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز البلاد وشمالها. تبعد عن القدس 181 كم إلى الشمال الغربي، كما تبعد 21 كم عن الحدود اللبنانية جنوبا، و23 كم عن حيفا شمالاً، و46 كم إلى الغرب من الناصرة.
يرتبط ميناء عكا بشبكة طرق وسكك حديدية أهمها: طريق السهل الساحلي الذي يربط عكا بحدود فلسطين الشمالية متجهاً نحو لبنان عبر رأس الناقورة 17 كم وترتبط بحيفا بواسطة خط سكة حديد يتجه نحو الجنوب ويتصل بخط سكة حديد(القنطرة) في سيناء. أقيمت عكا على موقع يساعد على الدفاع عنها بسهولة فهي تقعجبل الكرمل وتلال الجليل ومستنقعات النعامين، وكانت ميناء لحوران والجليل وغيرها من المدن المجاورة.
تحيط المياه بعكا من الجهتين الغربية والجنوبية. وتتصل باليابسة من الجهتين الشرقية والشمالية. يقع الميناء في الجهة الجنوبية للمدينة لذا فهو محمي من الرياح الشمالية. تتزود عكا بالمياه من قناة ماء من"نبع الكابري " الواقع شمال شرقي المدينة (نبع عين العسل). بقيت هذه القناة صالحة حتى سنة 1948.
لقد أعطى موقع عكا الإستراتيجي أبعاداً أخرى لا تقل أهمية عن البعد العسكري، فعكا صلة الوصل بين أوروبا وفلسطين، ونقطة تجمع الحجاج المسيحيين إلى الأرض المقدسة، وقد أقيمت فيها في أيام ظاهر العمر والجزار خانات متعددة كان ينزلها المسافرون والتجار والقوافل المتعددة التي تحمل خيرات البلاد لتنقلها السفن إلى دول العالم، ومن أشهر تلك الخانات خان الجزار وخان الشونة، ومن خلال سهل عكا كان أهلها يتمتعون بغلة زراعية وفيرة مثل الحبوب وأشجار الزيتون والخضار والموز والنخيل.
المصدر : ar.wikipedia.org